اجنبية

موضوع: اجنبية الأربعاء أغسطس 29, 2007 6:21 pm

فغرت هالة فاها ثم قالت بارتباك
- وأنا وأولادي وأمي وعبد العزيز تتركنا جميعا لخلافك مع أبيك ، فهذه ليست طريقة لحل الخلافات . وكأنها تذكرت شيئاً قد نسيته فقالت :
-استعن بمن يقدرهم ويدنيهم فيكلمونه في شأنك، فلم يعدم الناس أهل الخير فيهم .
-ومن سأكلم؟!! كلهم أنداد له يشبهونه في عقله وتفكيره ، أنسيت قولك أن هناك من يحرضه بل كلهم يفعلون وإن وجدت أحداً منهم صادقاً نصحه افترينه يظن ذلك ، بل سيقول إنهم يدفعونه إلى الموافقة اليوم ، حتى يعيروه في الغد ، فأبوك له طبع الذئاب التي لا تأمن أحداً .
-وما الحيلة؟!!!
-هو ما قلت .
ثم قام وتركها صامته لا تجسر على إخبار أحد بما نوى قوله وفعله .
مضى سالم بعد خروجه من منزل أبيه إلى أقرب طريق ، فمشى على رصيفه يفكر بأي حديث سيقابل أباه في الغد ، فإن وافق حاز السعادة بين يديه حين يظفر بمثل هند ، ويرفع عن كاهله الفتن وغوائلها ، والأبناء وعناء تربيتهم ، فأمهم حافظة لكتاب الله وأخوالهم وجدهم ، ألا يكفيهم هذا فخراً، وإني أحسنت لهم الاختيار ، ثم توجس قلبه بيده ليعلم أنه حقا سيهجر أباه لأنه رفض تزويجه من هند ، وطرأ في ذهنه اقتراب موعد نهاية دراسته، وأن كل شركة ستدعوه إليها وترحب به ، أفلا يقنع أن الامتياز معدله ، وهذه نسبة في كليتي كسقوط النيازك ، لا يكون إلا بعد تعاقي عشرات السنين ، ولن أكون جاحداً فضله، فثلث ما أقبض سأرسله له ، فماذا يريد من بقائي عنده ، إلا مرتبي ، فها أنا أعطيه كما لو كنت مغترباً عنه .
حتى إذا انقضت ساعة من خروجه عاد إلى البيت وخلا بنفسه في غرفته ، وقد صمم على ما قال لها ، نزع ملابسه وألقى بنفسه على فراشه ، ووضع يده اليمنى تحت وسادته كما هي عادته في نومه ، إذ تزيح ورقة مطبقة وضعت بقصد تحت الوسادة فاستوى جالساً ففتحها فإذا فيها :
عرفتك محبا للعبادلة الأربعة-رضي الله عنهم- وسأسوق لك حديثا لأحدهم وهو عبد الله بن عمرو وهو خير منك ومن ملء الأرض ، مثلك أتراه فعل فعلك ، وقد قال رسول لما اشتكاه أبوه" أطع أباك" فلم يخالف أباه طول حياته ودخل في معركة --

- إليه "أطع أباك". يريد الدخول إليها وما ذاك إلا لينفذ وصية رسول الله-
فسرت هذه الكلمات في نفس سالم ، وأبقته ساهراً إلى الفجر، وهو ينظر في الكلمة الأخيرة" أطع أباك" وعبد الله دخل معركة لا يريد الدخول إليها " أفموقفي أشد من موقف عبد الله.. فأين أقرب إلى الصواب، أأهجر أبي لأجل امرأة ، ما عساي أقبض منها ، أقطع كل صلة لي بأهلي لأنها ولأنها ، فلو انحرفت ما يكون قولي ، أأمنت الفتن عليها أو علي ، فلأعش عند أبي وتحت قدمي أمي فهما السبيل إلى ناري وجنتي"؟؟!
وبعد الإفطار دنى إليه أبوه وقال له :
-نحن يا ولدي لا نريد إلا سعادتك وطيب العيش لك، هذا هو مبتغانا وإن رفضنا ، فإنما نرفض صونا لأنفسنا عن مقالة الناس ، وليس بنا غنى عنهم فهم عصبتنا وسندنا ، ولو كنا نحن وآل إبراهيم في بلد آخر لرضينا ، فلن يلومنا أحد معنا، فحال هنا غير حال هناك، ولا يصلح لأحد إلا من جنسه، ومجتمعه ، وهم ما رغبوا فيك إلا لأنهم لم يجدوا من يمانعهم إن زوجوا ابنتهم لغريب عنهم ومن خارج قومهم .
-ولكن الإسلام يا أبي ألغى هذه الفروق ، وتزوج حرائر العرب ممن كانوا موالي ، فلماذا ينكر الآن ومضى على عقائد الإسلام ألف وأربعمائة عام .
-هو ما تقول.. ولكن إن كان الجميع في أخلاق ذلك المجتمع فنعم ، أفرأيت فيهم من اعترض على ما ذكرت؟ كلا فقد كانوا أنقياء أتقياء ، أما نحن فما زال في نفوسنا شيء من لوثات الجاهلية .
-إنهم كانوا كما كنا فتطهرت نفوسهم فلم يعد بينهم منكراً ما هو منكر عندهم .
-إنما وقع لهم ذلك لأن سيد الخلق بينهم هو من يعلمهم ويحثهم ويضيء طريقهم .
-وهذه سنته بين أيدينا ، وكتاب ربه يقرع أسماعنا فما تغير منهما شيء .
-ولكن النفوس ليست هي النفوس . أفهمت قصدي؟!
ثم أسدل الستار على تراجع سالم عن قراره، وتركه لهند ، و حزن في قلبه دفين لهذا الفراق يتجدد كلما سمع اسم هند على لسان أو قرأه في كتاب ، والآلام لا تنتهي ، وهو يرى أبناءه من زوجه التي اعتاضها عن هند ، لا ينجحون في درس ولا يفلحون في عمل فمضت أيامه والأسى في صدره لا يبارحه ، حتى فارق الحياة .
وهكذا تنتهي قصة سالم مع أهله وهند مع تحيات الكاتب
ساير المسباح.

موضوع: رد: اجنبية الإثنين مارس 22, 2010 1:20 pm

بارك الله فيك اخي

موضوع: رد: اجنبية الثلاثاء أبريل 06, 2010 11:24 am

بارك الله فيك

موضوع: رد: اجنبية الثلاثاء أبريل 06, 2010 11:24 am

بارك الله فيك

موضوع: رد: اجنبية الثلاثاء أبريل 06, 2010 11:25 am

بارك الله فيك

موضوع: رد: اجنبية الأحد ديسمبر 26, 2010 6:41 pm

شكرا لك علي الموضوع الرائع

والكلام العطر

موضوع: رد: اجنبية الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 1:23 am

شكرا لك

» احدث الافلام اجنبية 2011