أيّتها الأمّهات الكريمات، السّلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته. حفظكنّ الله ورعاكنّ، وسدّد خطاكنّ، ووفّقكنّ في تربية أبنائكنّ، وتَنْشِئَتِهِم تنشئةً صالحة، وجعلهم قرّة أعينكنّ، وجزاكنّ على ذلك أجرًا كبيرًا، وأثابكنّ على الصّبر في هذا السّبيل ثوابًا عظيمًا. فما عنده لا ينفذ، وما عنده باقٍ
أيتّها الوالدات الفاضلات. اشكرن الله تعالى على ما رزقكنّ من أولاد. فهذه نعمة حُرِمَها كثيرٌ من النّاس. فحمده يستوجب القيام بشؤونهم أحسن قيام، ورعايتهم الرّعاية الكاملة: في أخلاقهم وعقولهم وأجسامهم…ويقتضي توفير الحضن الدّافئ الذي يحضنهم، وتوفير البيئة الصّحيّة والسّليمة التي يتحرّكون فيها.
هم يحتاجون منكنّ إلى العطف والحنان والشّفقة والرّحمة والحبّ. وبخاصّة إذا كانوا ناقصين في بعض الجوانب، أو كانوا في حالات غير عادية. هنا تصبح مسؤوليتكنّ كبيرة، ومعه يكون أجركنّ مضاعفًا وبغير حساب.
أيتّها الأمّ الكريمة، لا تنزعجي ممّا أعطاك الله، وممّا وهبك من أبناء أو بنات، ليسوا كبقية الأبناء الآخرين والبنات الأخريات، إذ قد يكون فيهم أو فيهنّ نقصٌ خلقيٌ، عُدِّي ذلك هبة من الله. فلا تردّي هبته، ولا تنزعجي من اختياره. فإنّ قبولك بذلك هو رضًا بقضاء الله وقدره، وهو أحد شعب الإيمان، فإيمان المرء لا يكتمل حتّى يؤمن بالقضاء والقدر خيرِه وشرّه من الله. إنّه لا رادّ لقضائه، ولا مردّ لحكمه. واعلمي أنّ الله يبتلي المرء بالخير والشّر ليعرف كيف يتصرّف فيما ابتلاه به. واعلمي أنّ الأجر يكون بقدر الصّبر على الشّدائد.
أيتّها الأم الفاضلة أضع بين يديك هذه النّقط من باب التّذكير:
1 – أبناؤك مسؤولية في عنقك، مهما تكن حالاتهم.
2 – من حقّهم أن يعيشوا حياتهم بصفة عادية،كما يعيش بقية الأبناء.
3 – يجب أن لا يشعروا بأية عقدة، ولا يحسّوا بأيّ نقص في حياتهم.
4 – يجب أن لا يحرموا من الاحتكاك بغيرهم في الفضاءات المختلفة، وأن لا يحجبوا عن بقية زملائهم.
5 – لابدّ من تعويض ما ينقصهم خَلْقًا، بالمحبّة والحنان وتوفير جوّ الفرح والبهجة بما تستطيعين إلى ذلك سبيلا.
6 – لا تحزني لا تتحرّجي لا تتضايقي، لا تتعقّدي بهم، فإنّ ذلك يزيدهم كآبة وتعقيدًا وضيقًا، تحاسبين على كلّ ذلك يوم القيامة.
7 – اصنعي من الإعاقة عبقرية، ومن الضّعف قوّة، ومن العجز إرادة. فقومي على أبنائك، وقومي إليهم، بعزمك وصدقك وشجاعتك وإرادتك… تحقّقي الآمال، وتصنعي الرّجال، وتكوّني من بناتك ما يكون في القوّة والصّلابة مثل الجبال.
8 - اقرئي ما جاء في القرآن وتدبّري فيه. قوله تعالى: ] وَنَبْلُوكُمْ بالشَّرِّ والخيرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [ (الأنبياء/ 34). وقوله ] أَم حَسِبْتُمُ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الذينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَم الصَّابرينَ [(آل عمران/ 142). وقوله تعالى: ] إنّما يوفَّى الصَّابرونَ أجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ[ (الزّمر/ 10)
وفّقنا الله إلى ما يحبّه ويرضاه، ورزقنا حسن التّوجيه والرّعاية لأبنائنا وبناتنا، وهدانا سبل السّلام. رَبّنا هَبْ لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرّة أَعْيُنٍ واجعلنا للمتّقين إمامًا. والسّلام علكم.
الجزائر يوم الأحد: 14 من جمادى الثّانية 1430هـ
07 من جوان 2009م