إحدى أهم ظواهر سينما 2010 في مصر، عرض سبعة أفلام هي الروائية الطويلة الأولى لمخرجيها، من بين مجمل أفلام العام التي بلغت 29 فيلماً.
وليس ظهور مخرجين جدد هو الأهم في ذاته، لأنها ظاهرة اتسم بها العقد الأخير في السينما المصرية، إنما تقديم بعض المخرجين الجدد، في الـ 2010، مستويات جيدة أو جديرة بالمشاهدة والمناقشة، خلافاً للمخرجين الجدد في سينما العقد الأخير.
إذا استعرضنا أفلام هؤلاء الجدد، في الـ2010، يتبين لنا، حتى من النظرة الأولى، صحة ما نقول.
الأفلام السبعة للمخرجين الجدد، حسب تواريخ عرضها، هي:
- «ولد وبنت» (إخراج كريم العدل).
- «هليوبوليس» (إخراج أحمد عبد الله السيد).
- «تلك الأيام» (إخراج أحمد غانم).
- «الكبار» (إخراج محمد العدل).
- «سمير وشهير وبهير» (إخراج معتز التوني).
- «بصرة» (إخراج أحمد رشوان).
- «678» (إخراج محمد دياب).
ثمة أفلام أخرى هي الأولى لمخرجيها أيضاً، عُرضت في الـ2010 في مهرجانات سينمائية وينتظر عرضها للجمهور قريباً من بينها: «الطريق الدائري» إخراج تامر عزت و{الباب» إخراج محمد عبد الحافظ اللذان عُرضا في «مهرجان القاهرة الدولي» الأخير، إضافة إلى «ميكروفون» لعبد الله السيد الذي عرض في مهرجان القاهرة ونال جائزة أحسن فيلم في المسابقة العربية، وفي مهرجان قرطاج الأخير نال الجائزة الذهبية.
أما ابراهيم البطوط، الذي يعتبر أب السينما المستقلة الروحي، ففاز فيلمه الجديد «حاوي» بجائزة أحسن فيلم في مهرجان الدوحة ـ ترابيكا.
من الطريف أن البطوط يتردّد في استعمال تعبير «السينما المستقلة» ويستخدم بدلاً منه تعبير «السينما المختلفة».
بصرف النظر عن الإسم، فإن سمات هذه السينما الجديدة واضحة، أبرزها التصوير بكاميرا الديجيتال الذي يتيح حرية أوسع للمبدع، فلا يخضع لتكاليف مالية عالية، ولا لسطوة نجوم يفرضون أجوراً عالية.
لكن تبقى مشكلة عرض هذه الأفلام وتوزيعها، التي تتحكم فيها الشركات الكبرى، ولعل أحد أبرز الأمثلة المصاعب التي لقيها فيلم البطوط السابق «عين شمس»، والمهزلة التي لقيها فيلم «بصرة» الذي عرض في موسم عيد الأضحى الماضي لبضعة أيام وبنسخ قليلة وسط أفلام تجارية صاخبة، فمرّ الفيلم مرور الكرام مع أنه أحد أحسن الأفلام السبعة للمخرجين الجدد وأحد أحسن أفلام عام 2010 عموماً.
أحسن أفلام هذا العام هي: «رسائل البحر» للمخرج القدير داود عبد السيد، «بنتين من مصر» للمخرج المتميز محمد أمين، «بصرة»، و{ولد وبنت».
ويتسم «بصرة» (كتبه مخرجه رشوان) و{ولد وبنت» (أخرجه كريم العدل عن سيناريو لعلا عز الدين) بروح جديدة تعبر بقوة عن جيل الشباب وجدانياً وعاطفياً وسيكولوجياً، وعن انتماءاته وآرائه في شؤون الحياة والأمة على السواء. في المقابل، استند أحمد غانم في «تلك الأيام» إلى رواية والده الأديب البارز فتحي غانم، من دون محاولة تجديد مقنعة وبلوغ المستوى الفني الناضج للأصل الأدبي.
كذلك، ارتكز محمد العدل في «الكبار» على سيناريو للكاتب المخضرم بشير الديك، من دون مقدرة على بث روح جديدة معاصرة في النص الذي يبدو مكتوباً في فترة سابقة... أما «هليوبوليس» فجاء على درجة غير قليلة من الحذلقة والافتعال من الناحيتين الفنية والدرامية وكثير من التباكي على زمن حضور الأجانب المكثّف في مصر، ومن منطلق سطحي واضح تتسم به نظرة المخرج السياسية والاجتماعية.
تبدو تجارب البطوط ورشوان وكريم العدل أكثر أصالة من تجربتي عبد الله السيد، على رغم الجوائز التي حصل عليها «ميكروفون» ومبالغة البعض في الإشادة بـ «هليوبوليس»، لا شك في أن تقييم هذين الفيلمين وافتقادهما الأصالة الحقيقية يستحقان تناولاً تفصيلياً نقدياً.
ربما كان الدور النشط لبطلهما خالد أبو النجا (مشارك في الإنتاج) في الدعاية الواسعة والذكية لهما أول ما جذب إليهما الانتباه وساعد على وضعهما في بؤرة الضوء، خصوصاً أن افتقاد الأصالة الحقة لا يعني عدم تمتّع المخرج بقدر معقول من الموهبة، لكن عليه أن ينميها ويتسلح إلى جانبها بقدر ضروري من المعرفة والثقافة اللذين يفتقد إليهما ويتضح ذلك من واقع قراءة الفيلمين.
تشجيع التجارب الجديدة ليس مجاملة، إنما هو مطلوب من دون مبالغة، فيما المجاملة الزائدة تضر.