اغنية الناي

تأليف : مريم حريز
أحاول أن استرد أفكاري أن أجسدها لكنها تتشتت كلما حاولت تدوينها أصعد إلى عنان السماء فتنزل إلى قعر الأرض أحاول أن وأن وأن ولكن دونما جدوى .. لي قلب صغير أريد أن أخرجه من ظلمة صدري واحمله على كفي متفحصة أعماقه ومستحكية أسراره أريد أن أنعتق من لحف الكرى وأسير مع الغزلان في تلك البراري واعزف على الناي أغنية حزني ومعي العصافير تغني ، أريد أن انتهي من هذا العالم الذي أراه عنكبوتا وأنا في شراكه فراشة تموت أريد أن أنبري أن أنعتق من كل شيء وحتى من لا شيء أريد أن ألقى الذي واعدته على شاطئ البحر ذات يوم وعلى كتفيه كان يحط اليمام وفي راحتيه يغط الجنان ، كان صوت الناي الذي يعزف ألحانه شجيا ، ينبعث من صدره إلى صدري ، وعلى وجنتانا يتساقط الدمع في سهوم ، ولون السماء بين البرتقالي والرماد يتلون ، كنت جالسة بقربه في سكون حينما أسدل الليل ستاره ووقفت أتبع خطواتي إلى المجهول ، كان يناديني وأسمع صوته في كل مكان ، عزيزتي لا ترحلي واسمعي آخر الألحان آخر الهمسات التي تختلج روحينا فتجعلهما يتعانقان في ظلمة هذا الليل فينيراه ، دعينا نغني ونلهو في ظلمة الليل وننشد أشعار الغزل .
_اسمحي لي أن أقول حبيبتي و سأبتسم اليوم لأجلك ..
حينها طأطأت راسي خجلاً..
_وهاتي يدك لتعانق يدي ونسير بخطى العاشقين المحبين على رمال هذا الشاطئ الجميل الذي جمعنا ..
وتسلقنا مثلث الحب حتى ذروته ولم يبق لنا سوى السقوط .. وصار فؤادي ساعة رملية صفراء يهوي في قرارها الرمل شيئا فشيئا .. حتى النفاذ ..
وبينما كنا نسير الهوينى فوق رمال الشاطئ الباردة ويدانا متعانقتان والحب يدفئنا إذ اهتاج البحر وقذف موجة ضخمة باتجاهنا ، فسحبته لكنه استطاع أن يخوض غمارها حتى في أوج غضبها ، وبعد أن عاد إلى الشاطئ تعبا وسقط على الرمال وجسده يرتعش ..قالها :
_لأجلك أنا عدت .. فأنا منك وإليك سأكون ويأبى الحزن أن يعود لديارك مادمت بقربك ..سألقي به صريعاً وأعلن النصر للفرح المديد ..اسمحي لي فقط بالقرب .. حملته بين ذراعي وضممته ، لكنه انفلت باتجاه البحر يسبح في رحلة المجهول بعد أن تذكر أن الناي قد أخذه الموج في غفلته ، و فوق الزبد المهتاج ظل يتصارع ، و ناديت فما رد وصرخت فما ارتد وظل صوتي يتلاشى والمرارة تجد طريقها إلي من تحت الموجة الكاسرة وغاب هو و غاب الناي وغاب الكمان ..
واذكر قوله حين قال :
_حبيبتي كل شيء في هذا الكون بقضاء وما بأيدينا خلقنا تعساء وربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عز اللقاء .. لا حياة لي من غير نايي فأنا هو وهو أنا ونحن روحين حللنا بدنا .
ويعيش معي الآن وفي كل ليلة أتسلل إلى الشاطئ الذي صرت أعشق حتى رائحته ويتبعني أينما ذهبت صوت الناي وصوت الكمان ..

13 جانفي 2011 سكيكدة .