السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغرّ الميامين ، أمناء دعوته وقادة ألويته ، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين .
أيها الأخوة الكرام ، بادئ ذي بدء أشكر القائمين على هذه الجمعية على هذه الدعوة الكريمة التي إن دلت على شيء فعلى حسن الظن بي ، وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم فإن وجدتم في محاضرتي ما كنتم تتوقعون فالحمد لله رب العالمين وإلا فحسبكم الله ونعم الوكيل .
أيها الأخوة الكرام ، بادئ ذي بدء أنا لا اصدق ولا أقبل أن يكون نجاح في حياة الإنسان جزئي ، فقد ينجح الإنسان في كسب مال كبير ولا ينجح في أسرته ، لذلك أعتقد جازماً أن النجاح لا يسمى نجاحاً إلا إذا كان شاملاً .
المحطات الكبرى في النجاح :
1 ـ علاقة الإنسان بربه :
ما المحطات الكبرى في النجاح ؟ في حياة الإنسان آلاف المحطات لكن هناك أربع محطات كبرى أي خلل في إحداها ينعكس على المحطات الثلاث ، في تصوري المحطة الأولى علاقتك بالله :
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ))
[من مختصر تفسير ابن كثير]
المحطة الأولى أن تعرفه ، وأصل الدين معرفته ، ونحن إذا عرفنا الآمر ثم عرفنا الأمر تفانينا في طاعة الآمر ، أما إذا عرفنا الأمر ولم نعرف الآمر تفننا في التفلت من الأمر وهذا واقع العالم الإسلامي الأمر بالمعروف لكن هناك ضعفاً في معرفة الآمر ، لذلك هناك بحث عن فتاوى شاذة ، عن فتاوى ضعيفة ، عن بلوى عامة ، القصد أن يتفلت الإنسان من تطبيق منهج الله .
من لم يستقم على أمر الله لا يقطف من ثمار الدين شيئاً :
أريد أن أقول كلمة أخوتنا التجار نشاطات التجارة كثيرة جداً ، لا تعد ولا تحصى من شراء مكتب ، إلى شراء مستودعات ، تعيين موظفين ، سفر إلى الصين ، أخذ وكالات ، ترويج البضاعة ، دفع ثمنها ، توزيع الأرباح ، نشاطات لكن كل هذه النشاطات يمكن أن أضغط نشاطات التجارة كلها بكلمة واحدة ؟ إنها الربح فإن لم تربح فلست تاجراً ، أنا أقيس على هذه المقولة أن في الدين نشاطات لا تعد ولا تحصى تأليف كتب ، إلقاء محاضرات ، حضور مؤتمرات إلى آخره ، إحياء بعض الليالي المباركة ، تأليف كتاب ، وأنا أرى أيضاً أن كل هذه النشاطات يمكن أن تضغط بكلمة واحدة إن لم تستقم على أمر الله لم تقطف من ثمار الدين شيئاً ، إن لم تستقم على أمر الله يغدو التدين عادات ، وتقاليد ، وخلفية إسلامية ، وأرضية إسلامية ، واهتمامات إسلامية ، وأقواس إسلامية ، الإسلام شيء آخر ، واقع المسلمين هان أمر الله عليهم فهانوا على الله ، سيدنا خالد طلب خمسين ألف جندي مدداً ليواجه عدوا من ثلاثمئة ألف ، معه ثلاثون ألفا ، طلب من سيدنا الصديق خمسين ألفا مدداً ، أرسل له رجلا واحدا ، اسمه القعقاع بن عمرو ، قال له : أين المدد يا قعقاع ؟ قال له : أنا المدد ، قال له : أنت ؟ قال له : أنا ، معه كتاب ، قرأ الكتاب ، يقول سيدنا أبو بكر : فو الذي بعث محمد بالحق ، إن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم .
الواحد بمئة ألف والآن المليون بأف ، المليون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه هان أمر الله عليهم فهانوا على الله .
من عرف الله و منهجه و استقام على أمره سعد في الدنيا و الآخرة :
لذلك أيها الأخوة النجاح الشمولي يمر بأربع محطات ، المحطة الأولى أن تعرف الله من خلال الكون :
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
( سورة آل عمران )
أن تعرف منهجه ، أنت بالكون تعرفه وبالشرع تعبده ، ثالثاً أن تحمل نفسك على طاعته ، رابعاً أن تتقرب إليه بالأعمال الصالحة ، فإذا نجحت مع الله : عبدي ، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد ، عبدي ، كن لي كما أريد ، ولا تعلمني بما يصلحك ، أنت تريد ، وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد .
فالمحطة الأولى أن نعرف الله وأن نعرف منهجه وأن نستقيم على أمره وأن نتقرب إليه حتى نسلم ونسعد في الدنيا والآخرة ، هذه محطة .