اختصاصيون يطالبون بتنمية الوعي وإدراك كل طرف لحقوق الآخر
القسوة والتسلط والتكنولوجيا من أسباب ضعف العلاقة بين الأب والفتاة
جازان: أحمدية سالم
رغم القول السائر الذي يقول (كل فتاة بأبيها معجبة)، ورغم العلاقة الوطيدة بين الفتاة والأب، التي تحتمها صلة الدم والاعتبارات الثقافية والاجتماعية والدينية، إلا أنه في بعض الأحيان يشوب هذه العلاقة التوتر، ويتحول الإعجاب الفطري إلى نقد وشكوى، وتغدو العلاقة هشة، وضعيفة، والأسباب مختلفة.
تقول أحلام عيسى (ثانوية عامة ) "والدي هو سبب جميع مشاكلي، فطالما كان في المنزل، فهو جحيم، وخوف، وقلق، واضطرابات نفسية لا حصر لها، فهو يختلق المشاكل مع أمي، ومع أخي الكبير، وهو شخص متسلط لا يشعر بالآخرين، لا يحب إلا نفسه، ولا يشعر إلا بها".
وتقول بدرية السالم (ثانوية عامة) "أنا لا أكره أبي، بل أحتقره، خاصة بعد تعاطيه لأصناف كثيرة من المخدرات أمامنا، دون أدنى إحساس بمن حوله، أو تقدير للدور الذي يجب أن يمثله أمامنا".
العطاء والأنانية أما (سهام محمود ) فقد وصفت أباها بالأنانية، وسبب ذلك هو طلاقه لأمها، وخروجها من حياة خمسة أبناء، تقول" طلق أمي بسبب عدم توافقهما النفسي أو الفكري كما يدعي، وذهب بعد ذلك للبحث عن سعادته وراحته، دون أدنى إحساس بنا نحن الضحايا، ولسوء الحظ كانت الزوجة المرجوة محققة أحلامه هو لوحده، بينما نحن أصبحنا أشخاصاً غير مرغوب بنا، وأصبحنا مضطهدين كل يوم، وهو يحيا بكل سعادة، فكيف أحب وأحترم من كان يتصف بهذه الأنانية وحب الذات، لقد كنت أقرأ وأسمع أن الأب هو العطاء والتضحية، ومصدر السعادة لأفراد الأسرة، أين ذلك كله من أبي ؟".
أما هالة عمر (مرحلة متوسطة) "لم أشعر يوما أن لي أباً، فهو دائما مشغول عنا، وبعيد عن المنزل، وإذا تذمرنا وألححنا عليه بالتواجد يجيب أنه يتعب من أجلنا، ولا يريد أن ينقصنا شيء، فالمال، والمنزل واحتياجاته والمظاهر الزائفة هي هم أبي فقط، بينما حاجتنا النفسية والعاطفية فلا، نحن لا نحتاج للمال بقدر حاجتنا إلى من يحبنا ويعطف علينا ويحتوينا".
ويقول الاختصاصي النفسي بمستشفى الملك فهد المركزي بمحافظة أبي عريش الدكتور عبد الرحيم الميرابي " إعجاب الفتاة بأبيها حسب المقولة الشهيرة " كل فتاة بأبيها معجبة " فطري، بغض النظر عن حقوق الوالدين، وعن العوامل الثقافية، والاجتماعية، فالفتاة بفطرتها، ورقتها، وإمكاناتها المحدودة أمام الرجل، ترى أن أباها يمثل القوة والعمل معاً، والمتكأ الذي تستند إليه، وتلوذ به لشعورها النفسي بضعفها، وإيمانها الديني بمكانته".
تكنولوجيا الاتصال وأضاف "إلا أنه قد اختلف الوضع عند البعض، وهذا الاختلاف له عدة أسباب، فلم يعد معها الأب ـ للأسف ـ مصدر القوة والعلم والمعرفة، بل وحتى القوة أحيانا، ومن أبرز الأسباب أن الأب أمسى مشغولا عن أسرته، فأصبحت الفتاة تعتمد على غيره، أو على نفسها في وجوده، ونسبة من الفتيات أصبحن يفتقدن آباءهن في تدبير شؤون الحياة، فجاءت بالمقابل قسوة الأب لشعوره بضعفه أمام ابنته التي كانت معجبة به يوم كان هو الأول والأخير في حياتها، وربما تعود قسوته لأسباب تمس العار".
وأشار الدكتور الميرابي إلى ظهور عامل جديد قد يتسبب في اضطراب علاقة البنت بأبيها وهو ظهور وسائل وتكنولوجيا الاتصال التي أتاحت للفتاة التعرف على العالم الواسع من نافذة صغيرة من داخل منزل أبيها، حيث اكتشفت أن ثمة آخرين قد تعجب بهم وتفضلهم عن أبيها، سواء كانوا علماء أو أدباء تقتدي بهم، أو ممثلين وفنانين تعتبرهم مثلا لها، أو حتى متسكعين ممن تسمع منهم كلاما معسولا يوافق رغباتها، وتجد بذلك ملاذا آمنا لا تجده في شخصية الأب.
وقال الدكتور الميرابي إن الأب يبقى هو الأب، بمكانته التي يمثلها، والتي ترسخها القيم الدينية والاجتماعية والثقافية، وعلى الآباء أن يحرصوا على أن يكونوا القدوة لأبنائهم.
الرجوع إلى الكتاب والسنة "قال الله تعالى(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) الآية، وقال الرسول عليه السلام ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)..".. بذلك بدأ رئيس المحكمة المستعجلة علي بن شيبان العامري حديثه، مؤكدا على ما يجب على الأب نحو أبنائه، سواء كانوا بنات أو بنين، وما يجب على الأبناء نحو الأب من احترام وتقدير، مؤكدا أن ضياع الأسرة يبدأ بالبعد عن كتاب الله وسنة رسوله، فطالما الأب بعيد عن الله ورسوله، فذاك هو الضياع، وسيتبعه ضياع الأبناء بنين وبنات، وكذلك الزوجة.
وأشار إلى أن من أهم المسببات في ضعف العلاقة بين الفتاة وأبيها في الوقت الحالي المخدرات وانشغال ولي الأمر بها، تاركا أسرته واحتياجاتهم، سواء أكانت مادية أو عاطفية، مؤكدا على أهمية رعاية الأمانة الملقاة على عاتق الأب، وكذلك الأم وهي تربية الأبناء، وإنهما مسؤولان أمام الله عز وجل.
ونصح العامري الأب بأن يتقي الله في تربية بناته، ونصح البنت بأن تعامل أباها بكل طاعة واحترام، وطاعة الله ورسوله ، وعدم الانحراف عن الطريق السوي الذي يقتضيه كتاب الله وسنة رسوله مهما كانت الأسباب، بل ينبغي احتساب كل ما يصيبنا لله عز وجل، والتقرب إليه بالدعاء لتفريج الكروب والهموم.
المزيد من الوعي أما مديرة اللجنة النسائية لحقوق الإنسان الدكتورة نورة عبده عزي الصائغ فقد أكدت على أن علاقة الآباء بالأبناء في الوقت الحالي تعاني من فجوات كبيرة، وأبرز أسباب ذلك عدم فهم وإدراك كلا الطرفين لحقوق وواجبات الآخر، تقول "من الدلائل والمؤشرات على ضعف العلاقة بين الأب والفتاة هو ما يرد إلينا من نماذج كثيرة ومكررة وبشكل ملحوظ من شكاوى تؤكد تدهور علاقة الأب بالبنت، وكذلك الابن، من ذلك فتيات يطالبننا برفع شكاوى ضد آبائهن، لأسباب مختلفة مثل الاضطهاد المادي للموظفات، والعنف، والتحرش الجنسي ".
ودعت الصائع إلى المزيد من الفهم والوعي الاجتماعي، والحفاظ على الثوابت الدينية في علاقة الأب بالأبناء، وتأكيد دور الأب كقدوة لا يمكن التخلي عنها.
موضوع: القسوة والتسلط والتكنولوجيا من أسباب ضعف العلاقة بين الأب وا 
السبت أغسطس 04, 2007 9:44 am
