أساليب التربية الدينية
الاسلوب : هو عبارة عن الطريقة العلمية المتبعة لبلوغ هدف . او هو مجموعة النشاطات التي تيسر لنا بلوغ مانصبو إليه .وتعتبر الأساليب عادة طريقاً ميسراً لبلوغ الهدف .
وكما نعلم فإن الناس يأتون الى هذه الدنيا واذهانهم صفحة بيضاء خالية من أية معلومات ، وهذا مايستدعي منا القيام بملئ ذهن الطفل عن طريق العين والأذن والعقل ، وقد عرض القرآن الكريم نفس هذا أيضا . «والله أخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة » وعلى هذا يجب مراعاة هذا الترتيب في اسلوب التربية الدينية ، كما يلي :
1ـ اسلوب تقديم القدوة : تأخذ العين دورها في هذا الأسلوب فتحيط بالأمور ، ويأتي دون الأذن في المرحلة الثانية .فقد جاء في الروايات أن مسألة تعليم الوضوء أول ماطرحت ، عندما قام جبرائيل بإسباغ الوضوء عمليا امام النبي ( ص) وشـاهدها النبي (ص ) بعينه وتعلمها وعمل بها . وقال صلى الله عليـه وآله وسلم : « صلوا كما رأيتموني أصلي » . فتقديم القدوة يعيننا على غرس المفاهيم الدينية في ذهن الطفل بكل يسر وسهولة ، ودفعهم الى العمل بها لا سيما وإن حس التقليد قوي جداً عند الأطفال .
المسألة الهامة في هذا المجال هي ان يكون القدوة مثالا كاملا في الأخلاق والسلوك الذي يقر الدين صحته . وإن أدنى خطأ ، أو إهمال يؤدي ألى انعكاسات تربوية وخيمة .
والجانب الايجابي الآخر في القضية هو أن تقليد الطفل لايصدر عن وعي دائما ، بل يكون مصدره اللاشعور أحيانا . ولهذا يجب عند طرح القدوة ، أو الأسوة مراعاة الدقة الكاملة ، وخاصة في أمور كالصلاة ، وتعليم المفاهيم الدينية والتزام العدالة ، وتشخيص الحق ، والدفاع عنه ، وحب الخير، والإحسان ، وتقديم الإعانات السخية للمعوزين ، وممارسة السلوكية الاجتماعية الاسلامية .
2 ـ اسلوب التعليم : يركز هذا الأسلوب على حاسة السمع ، ويتم فيه نقل المواضيع المراد ايصالها الى الطفل ، بشكل مباشر .
وهذا الأسلوب يكمل ـ في الحقيقة ، الأسلوب السابق الذكر ، حتى انه يعد للأطفال الأكبر سناً مقدمة للتربية ، أي أن الأمر يستلزم أولاً تعلم بعض الامور عن طريق العين والأذن ، ثم العمل بها ، وتطبيقها . أما الغاية المرجوة من هذا الأسلوب فهي اصلاح السلوك عن طريق النصح والتذكير ، أي ان يقوم المربي بتقويم واصلاح أي تصرف خاطيء قد يصدر من الفرد .
3 ـ اسلوب التلقين والايحاء : ويمكن من خلال هذا الأسلوب ايجاد صلة بين الفرد وربه ودينه . إذ من المتيسر ايجاد حالة من الخوف ، عند الطفل أو إحياء الأمل في نفسه من خلال استعراض آيات الله ، ولطفه ، وكرمه ، ونعمه ، وحسابه .
يمكن بهذا الطريق شحن قلبه بمفهوم حب الله ، وتوعيته على معنى حب الله ، وعدم حبه بأداء كل فعل يرتضيه الله واجتناب كل مايثير سخطه .
وتتضمن هذه الطريقة أيضاً امتداح عمل الشخص بشكل مباشر ، أو غير مباشر وايجاد نوع من الصلة بينه وبين الدين وذلك من أجل أحياء الشوق للارتباط بالله بقلبه ، وليشعر من وراء ذلك باللذة والسعادة .
4 ـ طريقة سرد القصص : وهي وسيلة جيدة لإثارة مكامن تفكيره ، واستخلاص الدروس والعبر ، وتنبيهه الى امكانية الهداية من بعد الضلال ، وخلق مشاعر لديه لكي يتحسس الأمور بشكل أوضح ، ودفعه الى التفكير بشأن العالم الداخلي والخارجي ، وتنقية وتهذيب ذلك التفكير .
ويمكن كذلك تعليمه مبادئ الدين واحكامه بشكل غير مباشر عن طريق سرد القصص والحكايات ، لأجل أن تصبح تلك القيم هي السائدة في حياته .
وقد استخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب أيضاً في تربية الناس ، فقص علينا في هذا السياق قصة إتباع النبي موسى ( ع) للرجل الصالح للدلالة على الصبر والتواضع ، وقصة أصحاب الكهف للاشارة الى ايمان أولئك الفتية وقلوبهم الحية ( كما ورد في الآيتين 13 ـ 14 من سورة الكهف ) ، ووردت فيها[ القصة ] اشارة أيضاً إلى جزاء الكافرين والظالمين ، وإثابة المحسنين ( كما ورد في الآية 87 من نفس السورة ) ، وقصة قارون الذي ظلم وذاق في نهاية المطاف وبال سوء عمله ، ( الآية 81 من سورة القصص ) ، وأتى القرآن الكريم أيضا على ذكر قصة يوسف (ع) لتجسيد مفهوم الطهارة والعفة ( كما يستفاد من سورة يوسف ) . وورد فيه ايضاً ذكر قصة أصحاب الأخدود الذين كانوا يشاهدون بأعينهم ماجرى من العذاب على اولئك النفر من المؤمنين ( وهو ما أشارت اليه الآية الرابعة من سورة البروج ) ، وقصة قوم لوط ، وآدم وحواء ، وقصة مريم وطهارتها ، وغيرها من القصص الأخرى التي وصفها بقوله تعالى : « إن في قصصهم عبرة لأولي الألباب » .
أما الجوانب التي تستلزم الاهتمام بأسلوب السرد القصصي في التربية الدينية فهي :
1ـ أن تركز القصة على الصفات الحميدة والنقاط البارزة .
2ـ أن تكون متناسبة مع سن الأشخاص التي يتعظون بها . فالقصص التي تحكى للأطفال في سن الثالثة يجب ان لا تتجاوز نمط تناول الطعام ، والذهاب الى حفلات الضيافة ، وارتداء الثياب ، والحديث عن الأشياء المحيطة بالطفل ، وأسماء الأشياء التي يقع عليها بصره .
3ـ أن تكون القصة مناسبة للمقام ووفقاً لما تقتضيه الضرورة .
4ـ ان تتمخص القصة عن نتائج قيمة يشار اليها بشكل مركز .
5ـ أن لا تتضمن القصة معايب تربوية قد تؤدي الى احداث تأثيرات سلبية في نفس الشخص