تروي صاحبة هذه القصة حكايتها قائلة:
في بداية حياتنا الزوجية أدركت أن زوجي مدمن الدخول الدائم علي الإنترنت.. بل لا أخفي أنني لاحظت عليه هذا الإدمان في شهر العسل.. هذا الشهر الذي تتمني فيه كل زوجة حديثة عهد بالزواج أن تستمتع مع زوجها وأن يكون معها وتستحوذ علي اهتمامه.. أما معي فقد حدث العكس.. فزوجي تشاركني فيه.. شريكة أخري ألا وهي الإنترنت حتي بت أغار علي زوجي من هذه الشريكة وأغار منها لأنها خطفت زوجي مني وأخذته إلي جانبها معظم الوقت.. فسلبت منه عقله وتفكيره وقلبه وروحه.. وكثيراً ما نشب الشجار بيني وبينه بسبب هذا الجهاز الذي يفرق بين الزوج وزوجته.. وأحياناً يتحول الشجار إلي معركة وعراك.. حاولت أن أجذبه نحوي لكن دون فائدة.. هددته بترك البيت ان لم يقلل من إدمانه هذا.. لكنه لم يكترث بوعيدي وتهديدي.
عندئذ تيقنت أن أسلوب العنف والصراخ والتهديد ليس الأسلوب الذي يصلح من حال زوجي.. فكرت وقتئذ في طريقة كي يطلق ضرتي الإنترنت وأجذبه نحوي.
بدأت أتخذ معه سياسة اللطف.. وكنت أعلم أن زوجي يهوي السفر.. فقلت له: سوف أعمل لك مفاجأة هل توافق؟ قال: إذا استطعت إن شاء الله.. قلت: تستطيع.. لكن أريد أن تعدني بقبولها.. فوعدني بذلك.. قلت له: سأعزمك علي السفر إلي دولة أوروبية تحبها.. بالفعل وافق علي قبول المفاجأة.
وسافرنا إلي تلك الدولة وقضينا هناك وقتاً ممتعاً ورائعاً.. وكنا حددنا مسبقاً أن نقضي شهراً فقط.. لكن مددنا لمدة شهرين.. وكنا لا نشعر بالوقت ولم نشعر بالأيام التي تسرقنا من فرط سعادتنا وقضاء وقتنا الممتع.. وكنت أحاول جاهدة لإسعاده وتقريبه إلي جانبي.. بحيث لا يشعر أن هناك شيئاً ينقصه.. هذه المدة جعلته أسعد مخلوق علي وجه الأرض.. وهذه الفترة جعلتنا نقترب أكثر من بعضنا ونفهم بعضنا أكثر.. أصبح يعرف ماذا أحب وماذا أكره.. وماذا يسعدني أو يضايقني.. وأنا كذلك عرفته أكثر.
وبعد عودتنا من السفر رجع زوجي إنساناً آخر غير الذي عرفته قبل السفر وتغيرت طريقته وأسلوبه معي.. وبعد أن كان مدمناً علي الإنترنت غير آبه بي ولا بوجودي معه أصبح الآن يهتم بمشاعري ويستمتع بالجلوس معي.. ولم يعد الإنترنت يستحوذ علي كل اهتماماته وتفكيره.. وأصبح يقضي أمام هذا الجهاز أوقاتاً قليلة فقط.. وتنفست الصعداء علي هذا التغيير الإيجابي وحمدت الله تعالي علي ذلك.. لم أصدق أن معشوقته ومحبوبته أخذت تفني من حياته رويداً رويداً.. وانتصرت عليها بذكائي.. فأصحبت أنا الأولي منها.. بصراحة أشعر بسعادة بالغة وأنا أري زوجي يهتم بي ويراعي شعوري كزوجة محبة.. وأشعر بسعادة أكثر لأنني عالجته من الإدمان علي الإنترنت.
***
واضح من هذه القصة أن الزوجة الواعية تعي كيف تعالج سلوك زوجها بطريقة سلسة إذا وجدته يسلك سلوكاً غير معقول أو سلوكاً غريباً. ويتضح أيضاً أن أسلوب النصح والارشاد أو أسلوب التهديد لا يفلح أحياناً في استقامة سلوك الزوج.. وإنما يستقيم حاله أحياناً بالأسلوب غير المباشر مثلما فعلت صاحبة هذه القصة