في كثير من الأحيان يخلط البعض وبخاصة في الأوساط غير المتخصصة بين مفهوم الإعاقة العقلية ومفهوم المرض العقلي , فكثيرا عندما أتواجد في لقاء أو مع بعض الأشخاص ويعلمون أني أخصائي نفسي وفي مجال الإعاقة العقلية أول سؤال يوجه الي هل هذه الفئة تقع ضمن فئة مرضى العقول.
لذلك رأيت أنه يجب توضيح الفرق بين هذين المفهومين وإزالة اللبس بينهما لأن هذا الخلط يؤدي الى تأخر العلاج اللازم لكل من مرضى العقول والمعوقين عقليا على اعتبار أنه نتيجة هذا الخلط قد يؤدي الى أن يصنف المعوقون عقليا ضمن مرضى العقول أو العكس.
فالإعاقة العقلية ليسن مرضا , وانما هي حالة نقص في القدرة العقلية , وانخفاض دال في الأداء العقلي عن المتوسط بمقدار انحرافين معياريين , ويصاحبه قصور في المهارات التكيفية وتحدث قبل سن 18 سنة.
وتحدث الإعاقة العقلية قبل الولادة او أثناء الولادة , وقد تحدث بعد الولادة خلال فترة النمو وقد تحدث نتيجة عوامل وراثية أو عوامل بيئية مكتسبة بسبب مرض أو فيروس أو اضطرابات أو إصابات مباشرة للدماغ تؤثر على وظائف المخ.
اما المرض العقلي فيحدث في مرحلة من مراحل العمر , وعادة ما يحدث بعد سن المراهقة , وفي معظم الحالات يحدث المرض العقلي للفرد بعد المرور بخبرة فشل وشعور بالإحباط مع بعض عناصر البيئة التي يعيش فيها أو التعامل مع أشخاص او العجز في حل بعض المشكلات التي تقابل الفرد في حياته , وكما ترى مدرسة التحليل النفسي في الصيغة العامة للأمراض (إحباط لا يقوى الراشد على تحمله فيشعر الأنا بالخطر فيرفع راية الحصر)
وقد يحدث المرض العقلي نتيجة مغالاة الفرد في طموحاته وتوقعاته بما لا يتلاءم مع قدراته وإمكانته فيجد نفسه عاجزا عن تحقيق طموحاته ويفشل في توقعاته , أو يشعر الفرد بان الآخرين ينظرون له على انه غير كفء وتكرار هذه المواقف في حياة الفرد يؤدي به الى ظهور أنماط غير سوية من السلوك الانفعالي مثل الاكتئاب , العداونية.. الانطواء ... الى آخره.
ولعل أهم ما يميز المرض العقلي أنه يحدث بعد اكتمال نمو العقل وأن العجز الظاهر في
الأداء العقلي لدى المريض يرتبط بفترة المرض. ويتضح من ذلك ان هناك اختلافات أساسية بين مفهوم الإعاقة العقلية والمرض العقلي وظهور هذا الخلط يرجع الى تشابه بعض الأعراض التي تظهر لدى المعوقين عقليا ومرضى العقول.
فالشخص المعوق لا يملك القدرة على أداء الأعمال والمهام التي تتطلب كفاءة عقلية معينة , ويفشل في أداء تلك المهام لذا قد يصاب بالعدوانية والخجل والانطواء والاكتئاب نتيجة لهذا الفشل في القيام بما يتطلب منه من أعمال لا تناسب قدراته العقلية المحدودة ونتيجة لظهور هذه الأعراض الانفعالية في سلوكه ينشأ الخلط في وصفه بأنه مريض عقلي.
وكذلك الأمر بالنسبة للمريض العقلي فنتيجة للاضطرابات الانفعالية والوجدانية التي يعانيها , ونتيجة لمرضه تظهر لديه بعض المشكلات في عدم قدرته على التعامل مع بعض المهام التي تتطلب كفاءة عقلية , وأيضا عدم قدرته على حل المشكلات التي تقابله , فينشأ الخلط في وصفه بانه معاق عقليا.