قصتي هذه حقيقية ليست من نبع الخيال ..
قـُبِّسة << كلمة كويتية ونطق القاف كما الجيم المصرية، وتعني صاحب الحظ العثر (النحس)
نبدأ القصة ..
زارتني إحدى خالاتي من الكويت لمدة أسبوع، وكعادة المسافر لا بد من
شراء العديد من الأشياء من البلد المُسافــَر إليه ليهديها إلى الأهل
والأقارب حين العودة للوطن، أخذتها إلى السوق الشعبي في المنامة، وشرت ما
شرت، صحيح أني أمّل مثل هذه الأحداث، فأنا أكره التسوق كثيرا، وفي أحد
الدكاكين رأيتها .. تلك العصا لأول مرة فأعجبتني، واشترتها خالتي لي بحجة
أني في مقام ابنها بسعر زهيد، فنسيت أمر الملل وأحسست بشعور غريب، وهنا
بدأت قصتي؛ حيث حاولت أن أجرب المشي متكئا عليها لأرى ردود أفعال الناس،
وبالفعل رغم الازدحام الشديد؛ فقد كان الجميع يبتعد عن طريقي ويفسح لي
المجال لأنني أمثـّل فئة "المستضعفين" في الأرض، فرحت كثيرا، ولم أقصد
مطلقا أن أستغل طيبة وإشفاق الناس، ولكنها كانت تجربة من تجاربي التي
أستفيد منها كثيرا في فهم ما حولي، وصارت شغلي الشاغل، فكادت ألا تفارقني
حتى في نومي، وما زلت آخذها معي في كل مكان نذهب إليه، وخالتي ما زالت
تنهرني بأن هذا الأفعال "ستجلب لي سوء الطالع"، ولم أهتم كعادتي فانشغالي
بالتجربة أهم من بضع كلمات صارمة تنهاني، حتى أصبحت أستعملها في سياقة
السيارة، أضعها على دواسة البنزين والكابح حتى أتقنت هذا الأمر.
ذهبنا في أحد الأيام إلى أحد المطاعم الشهيرة بتقديم المأكولات
البحرية، وكانت المعاملة خاصة جدا بي، اهتمام زائد بحيث جعلني أخجل من هذا
العمل، ولكن المصيبة وقعت عندما علقنا بازدحام مروري لمدة ساعة كاملة رغم
أننا في بلاد صغيرة مثل البحرين -وهي أول مرة يحصل مثل هذا الحدث الغريب-،
تعجبت من الأمر وبدأ الشك يتغلغل إلى قلبي بأن هذه العصا قد يكون لها طرف
في الموضوع، بدّدت هذه الأفكار من رأسي لأن الأمر لم يكن سوى تقديرا من
الله -عز وجل- لا أكثر ولا أقل، ولكن في نفس اليوم، كنت أسير بالسيارة
وبدل أن أدوس على الكابح -بالعصا طبعا- دست على البنزين بالخطأ، فكدت أن
اصطدم بالسيارة التي أمامي لولا أن تداركت الأمر -بفضل الله- برجلي، فخفت
كثيرا وأخذت أراجع نفسي كثيرا، لكن لم ألـُمْ إلا نفسي، فتلك العصا ليس
لها ذنب، بدأت أتمادى كثيرا باستخدامي لها، وجعلتها أداة لتسهيل أموري
الحياتية، فالأشياء البعيدة كأداة التحكم بالتلفاز وهاتفي البعيد حتى كتبي
المتناثرة على أرض الصالة تصل إلي باستخدام عصاتي الغالية، ولكن تأكدت
شكوكي عندما كدت أيضا أن أصيب خالتي بضربة منها على حين غرة بينما كنت
ألهو بها بالسيارة فخفت كثيرا من هذه الظواهر التي أصرّت إلا أن تثبت أن
هذه العصا مسحورة، فقررت أن أطلق عليها لقب "قبّسة"، والأغرب من هذا الأمر
أن هذه العصا إلى الآن لا تفارقني وعندما أمشي متكئا عليها أحس فعلا أنني
أعرج!، أو أني أتقمص الدور بإتقان، وهي الآن بجانبي بينما أنا أكتب لكم
قصتي وتلقي عليكم التحية -مجازيا-.
انتهت .. وأرجو الدعاء لي أن أتخلص منها في القريب العاجل ... " )