والتين والزيتون*
كفرت بعطر حروفها الأشياءُ
لمّا رثتك بشعرها الشعراء
ما متَّ – نحن الميتون – وقبرنا
الدنيا وأنتم في العلا أحياء
أنا لست أرثي غير أنّي قائلٌ
شعراً وفي مثلي يكون رثاء
من أين أو قل لي إلى أيّ المدى
أمشي وجرحي راعفٌ وَجّاء
وإلى حذائك كم يطيب السير لي
رأسي لرجلك إن رغبتَ حذاء
محمودُ لو أنصفتني لعذرتني
فأنا الهوى والدمعةُ العصماء
مثلي كثيرٌ في موازين الهوى
لكنّ مثلكَ ما له نظراء
أجرحتَ ؟ جرحُك يا حبيبي ثورةٌ
وعلى رحاها يسقط الجبناء
ونزيف جرحك للتراب كرامةٌ
أزكى المواطن ما سقته دماء
تركوك يا محمود وحدك واقفاً
كالطود يملأ خافقيك إباء
لم تلتفت نحو الوراء ولم تكدْ
محمودُ مثلك ما لديه وراء
واجهت وهج الموت لا درعاً ولا
حرساُ ولكن عزةٌ و مضاء
ما خانت الأعضاء حكمَ فؤادها
ولكم تخون قلوبَها الأعضاء
أشلاؤكَ العطرات أنت نثرتها
لتعود ألفاً هذه الأشلاء
يا ليتني كفنٌ أضمّكَ لحظة ً
أو ليت كان يكفّنُ الشهداء
فرقٌ كبيرٌ بيننا فأنا أنا
فردٌ وإنّك جبهةٌ ولواء
يا كلّ أرقام الرجولة إنني
صفرٌ فهل للصفر فيك نماء؟
والتين والزيتون إنك أمة ٌ
وسواك فردٌ ناقصٌ وهباء
ما أصغر الأخطاء حين تعدّها
وتفيض - حين تعدّنا – الأخطاء
ومن الشمال إلى الجنوب أنوثة ٌ
ومن المحيط إلى الخليج خواء
النفط يسحقنا ويغسلنا من الـ
شرف الأصيل ليسعد الغرباء
كل الأنابيب التي في أرضنا
ملكٌ لنا لكنّنا أُجَراء
ونباع بالثمن الزهيد دراهماً
معدودةً ويقامر الدخلاء
وتداس أولى القبلتين كأنه
ما كان معراجٌ ولا إسراء
ويمزّق القرآن بين ظهورنا
وتخوض في أعراضنا السّفهاء
فلكم تنادي في الجموع سميّة ٌ
ولكم أُهين خمارها أسماء
في كل يومٍ ألف شلوٍ صارخٍ
فينا ولكن كم يضيع نداء
ونعاقر النوم الطويل سلافة ً
فالموت فينا والحياة سواء
"محمودُ " خالدَ وقتنا لا تبتئسْ
مما صنعنا إننا ضعفاء
أنت الحقيقة والخرافة نحن والـ
خوف المعلّب والفم الخرساء
تركوك يا بطلاً تسابق ريحَ مَن
ذهبوا ويسبق ركبَنا اللّقطاء
تركوك يا محمود كي توحي لنا
أنّا نساءٌ كلّنا و نساء
يا صبح قافلة الشّهادة لن ترى
ألق الصباحَ الأعينُ العمياء
هذي جراحك عشْ بها ملِكاً ولا
تنظر إلينا إنّنا دهماء
ألف الرجولة أنت و الضّاد التي
كانت توحّدنا وأنت الياء