حقّق المؤلف الشاب عمر جمال نجاحاً كبيراً في تجربته السينمائية الأولى «أوقات فراغ»، التي قدّمها حين كان في العشرين من عمره، لكنه غاب بعدها عن الساحة الفنية أربع سنوات ليعود بفيلم «عائلة ميكي»، الذي يحمل قوة فيلمه الأول نفسها والذي أشاد به النقاد.
حول الغياب والعودة كان اللقاء التالي.
لماذا تأخّرت تجربتك الثانية أربع سنوات بعد فيلم «أوقات فراغ»؟
كتبت مشاريع عدة أخرى، لكنها لم تخرج الى النور لأسباب مختلفة الى درجة أن ثمة مشاريع توقّفت بعد أن بدأنا تحضيرها. من ناحية أخرى، وضعني النجاح الذي حقّقه «أوقات فراغ» في مأزق، إذ عليّ أن أقدم عملاً في المستوى نفسه.
لماذا عدت بفيلم «عائلة ميكي» تحديداً؟
لأن المخرج أكرم فريد ساهم في خروج هذا المشروع إلى النور. تجمع بيننا صداقة قديمة وعندما عرضت عليه فكرة الفيلم وقرأ السيناريو قبل أن أنتهي من كتابته أعجبته الفكرة وتحمّس لها وشجّعني على الانتهاء من كتابتها سريعاً ليبدأ بتنفيذها، من ثم عرض الفيلم على شركة الإنتاج فتحمّست له.
كيف جاءتك فكرة الفيلم؟
كنت أبحث عن فكرة بسيطة تستعرض المشاكل الحقيقية لأسرة مصرية بشكل واقعي وبعيداً عن الفلسفة، ذلك من خلال تصوير يوم في حياة هذه العائلة نرى عبره نماذج مختلفة منها: الأم والأب والجدة والأولاد بمختلف أعمارهم، ومشكلات كل واحد منهم وأحلامه وطريقة عيشه.
أشاد النقاد بواقعية الفيلم، كيف استطعت رصد تفاصيل الحياة داخل الأسرة بهذا الشكل؟
ساعدني في ذلك انتمائي إلى أسرة مصرية متوسّطة الحال وميلي الدائم إلى السينما الواقعية القريبة من الناس والتي ترصد تفاصيل حياتهم، بالإضافة الى أن الفيلم يتضمن نماذج قابلتها في الحقيقة لكني لم أقدّمها كما هي لأن المؤلف لا بد من أن يضيف تفاصيل من خياله.
لماذا فكرت في الكتابة عن العائلة التي غابت عن السينما منذ فيلم «الحفيد»؟
لأنها أهم أركان المجتمع وأساس لأمور كثيرة مهمة، كذلك اشتقت إلى نوعية الأفلام التي اختفت منذ فترة طويلة بسبب تركيز المنتجين على نوعية معينة تنجح فيجري الجميع وراءها ويهمل باقي الأنواع، ما يجعلنا نركّز أفكارنا كلّها في اتجاه واحد.
ألم تقلق من خوض تجربة بعيدة عن متطلّبات السوق، وأنت في بداية مشوارك؟
على العكس. حين أقدّم شيئاً مختلفاً عن السائد فهذا يعتبر عنصر جذب، ولا بد من أن أقدم هذة النوعية ليبدأ الجمهور في الاعتياد عليها مجدداً ومع الوقت تحقق نجاح النوعيات الأخرى نفسه، والدليل إقبال النقاد على الفيلم وتقديرهم له، ما يؤكد أن لدينا الاستعداد الكافي لتقبّل هذة النوعية من الأفلام.
اعتبر البعض أن الفيلم نسخة مجدّدة من فيلم «إمبراطورية ميم» الذي قُدم قبل سنوات، خصوصاً أنه يحاكي الخطوط الدرامية نفسها؟
بالنسبة إلي، تشبيه «عائلة ميكي» بفيلم محترم كـ{إمبراطورية ميم» مشرفٌ، ثم لا أجد عيباً في أن أعالج موضوع فيلم قديم وأقدّمه بروح عصرنا الراهن مع توضيح اختلاف الزمن، لكني أؤكد ألا رابط أو شبه بين الفيلمين باستثاء وجود الأسرة.
استنكر البعض أن تأتي فتاة بشاب إلى المنزل في ظل وجود جدتها؟
أعتبره أمراً واقعياً جداً قابلاً للحدوث في أيامنا هذه، خصوصاً أن الجدة في الفيلم كفيفة، لذا لم تدرِ بوجود شاب مع حفيدتها في المنزل.
لماذا أظهرت جميع أبناء الأسرة منحرفين على رغم أن أي أسرة يكون فيها شخص سوي على الأقل؟
موضوع الفيلم هو غياب المثاليّة عنا جميعاً فما من شخص مثالي في هذه الدنيا، كذلك أتحدّث عن مكنون الشخصيات الداخلي وما تخفيه في داخلها نتيجة النشأة في مجتمع غير مثالي ومع ذلك لم يكره الجمهور شخصيات الفيلم، وأؤكد أنني لست ضد فكرة المثالية لكني مؤمن بغيابها عن حياتنا بشكل كامل.
انتُقد السيناريو لأنه يعرض الأحداث بوجهة نظر أحادية ولم يهتم بتوضيح أسباب انحراف الأبناء؟
لكي أوضح تفصيلياً أسباب وصول الأبناء الى هذه الحال، لا بد من أن أحكي تاريخ كل شخصية من دون الاشارة إلى التفاصيل كافة بشكل مباشر، فثمة أسباب يمكن استنتاجها إذ لا أفضّل فكرة توجيه رسالة صريحة للمشاهد.
ما تعليقك على الرأي القائل إن إيقاع الفيلم غير سلس وكان يمكن حذف تفاصيل غير مهمة منه لتجنّب الملل؟
برأيي، جاء كل تفصيل في مكانه وبهدف موظّف في الفيلم، فتعدّد الشخصيات والأحداث مطلوب لتحقيق متعة المشاهدة لدى المتفرّج، خصوصاً أن الأحداث تدور في مكان واحد، بالإضافة الى أنني أتحدث عن المجتمع والأسرة وبالتالي لا بد من أن أرصد أكبر عدد من الشرائح الممكنة.
الألفاظ الخادشة في الحوار كانت أحد أكثر الانتقادات التي وُجّهت الى الفيلم، فما ردّك؟
من الطبيعي أن تتحدّث فئة الشباب في الفيلم بهذه الطريقة، كونها طريقتهم نفسها في الواقع، وليكون الفيلم واقعياً لا بد من أن تتحدّث كل شخصية بلغتها.
لماذا تغيّر اسم الفيلم من «الأسرة المثالية» الى «عائلة ميكي؟
لأن «الأسرة المثالية» كان اسماً ثقيلاً استغربه كثر، فوجدنا أن «عائلة ميكي» هو الأفضل وأكثر جذباً.
هل ترى أن توقيت عرض الفيلم ظلمه، خصوصاً أنه لم يحقّق إيرادات؟
برأيي، نجاح الفيلم في تغطية تكاليفه أمر جيد يُحسب له، خصوصاً ألا نجم شباك فيه، وأتوقع أن يحقّق نجاحاً أكبر عند عرضه في التلفزيون، ثم إن من شاهده من الجمهور ترك لديه انطباعاً جيداً.
كيف ترى مشاركة الفيلم في «مهرجان مونتريال»؟
أعتبرها أمراً مشرفاً على رغم أنني لم أحضر المهرجان، لكن من حضره أكّد لي أن الفيلم استُقبل بحفاوة كبيرة وعُرض ثلاث مرات جماهيرياً، ما يُعدّ إضافة كبيرة إليه كونه نال إعجاب النقاد في مصر والجمهور في الخارج.
ما رأيك في تصنيفك كمؤلف للأفكار الشبابية، خصوصاً أنك قدّمت تجربتين تهتمّ بمشكلات الشباب وبصدد مشروع ثالث على النهج نفسه؟
أرفض هذا التصنيف لأن المؤلف الجيد قادر على كتابة النوعيات كافة، ثم إنني كتبت أفلاماً كثيرة مختلفة وبعيدة عن الشباب لم تنفَّذ بعد، لكن نجاح «أوقات فراغ» كفيلم شبابي حصرني في هذه النوعية.
بين «أوقات فراغ» و{عائلة ميكي» مسافة كبيرة، كيف تراها؟
اكتسبت خبرة أكبر وكتبت أعمالاً أفادتني كثيراً، ما ساعد على تطوّر أسلوبي في الكتابة خلال الأربع سنوات الماضية على رغم عدم تنفيذ الأعمال التي كتبتها.
لماذا ترتبط أفلامك بالوجوه الجديدة على رغم أن العمل مع نجم يفيدك، خصوصاً أنك في بداية مشوارك؟
طبيعة المواضيع التي أكتبها تناسبها الوجوه الجديدة، كذلك يحكمني عمر الشخصيات التي أكتب عنها والذي لا يتوافر بين نجومنا.
إلى مَن ترجع الفضل في اكتشافك وتقديمك الى الوسط الفني؟
الى المخرج هاني خليفة، وقد تعلّمت منه الكثير وكنت أستشيره دائماً، كذلك حسين القلا، منتج «أوقات فراغ»، لأنه تبنّى الفكرة بعدما قمت بمحاولات عدة مع المنتجين لخروج الفيلم الى النور ولم تؤتِ بنتيجة.
ماذا تحضّر من مشاريع سينمائية مقبلة؟
أحضر لـ Euc، فيلم كوميدي وشبابي أيضاً يتحدث عن مشكلات التعليم بشكل ساخر وحقيقي وهي فكرة كنت أرغب في الكتابة عنها منذ زمن.