عند النوم
كان معاذ رضى الله عنه يقول :
أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي
أي إذا نمت فنم بنية القوة وإجماع النفس للعبادة ، وتنشيطها للطاعة ، فترجو في ذلك الأجر كما ترجو في القيام قومتي .
فحذار أن تغفل عن النية عند النوم فإنك إذا كنت تنام في اليوم والليلة ثماني ساعات ، فإنَّه ثلث العمر ، فكيف ترضى أن يضيع عليك ثلث العمر في غير طاعة الله ، فقط تأدب بالسنن الواردة .
فاحتسب
(1) نية التقوي على الطاعة بأن يوفقك الله للتهجد وقت السحر ، وإن شاء الله يُكتب لك أجر هذه الساعات ، بل إذا لم تستيقظْ سيُكتب لك أجر العمل ، ولم تعملْه بالاحتساب ، أرأيت شأن الاحتساب ، جعلنا الله وإياك من أهل الاحتساب .
وعن أبي الدرداء رضى الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : ] من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى أصبح كتب له ما نوى ، وكان نومه صدقة عليه من ربه [
[ رواه النسائي وابن ماجه وصححه الألباني (601) في صحيح الترغيب ]
(2) أن تبيت مغفورًا لك ، وذلك بأن تنام على طهارة .
قال صلى الله عليه وسلم : ] من بات طاهرا بات في شعاره ملك فلا يستيقظ إلا قال الملك : اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهرا [ [ رواه ابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني (597) في صحيح الترغيب ]
بل أبشر بمغفرة عظيمة إذا قلت هذا الذكر
قال صلى الله عليه وسلم : ] من قال حين يأوي إلى فراشه :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر
غفرت له ذنوبه أو خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر [ [ رواه ابن حبان وصححه الألباني (607) في صحيح الترغيب ]
(3) أن يُستجاب دعاؤك
قال صلى الله عليه وسلم : ] ما من مسلم يبيت طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه [ [ رواه أبو داود وصححه الألباني (598) في صحيح الترغيب ]
يتعار أي يستيقظ .
(4) واحتسب بهذا الذكر : قوة على الطاعة وعلى أداء حوائج الدنيا
اشتكت فاطمة – رضي الله عنها - ما تَلقى من الرحى في يدها وأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبي فانطلقت فلم تجده ولقيت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري ثم قال :
] ألا أعلمكما خيرا مما سألتما إذا أخذتما مضاجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين ، وتسبحاه ثلاثا وثلاثين وتحمداه ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم[ [ متفق عليه ]
فذلك مائة باللسان وألف في الميزان - كما قال صلى الله عليه وسلم -
وتنبه فإنَّ الشيطان يتربص بك حتى لا تقولها فتحصل هذا الأجر ، وقد ارشدرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك .
قال : ] يأتي أحدكم - يعني الشيطان - في منامه فينومه قبل أن يقوله [. [ رواه أبو داود - واللفظ له - والترمذي ، وقال :حديث حسن صحيح ، والنسائي ، وصححه الألباني (606) في صحيح الترغيب ]
(5) اقرأ سورة ( الكافرون) واحتسب :
إقامة للتوحيد وبراءة من الشرك .
عن فروة بن نوفل عن أبيه رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنوفل : اقرأ : ] قل يا أيها الكافرون [ ثمَّ نم على خاتمتها ، فإنها براءة من الشرك .[ رواه أبو داود وحسنه الألباني (605) في صحيح الترغيب ]
واحتسب أن قراءة سورة الكافرون تعدل ربع القرآن .
(6) التملق ( أن تثني على الله بثناء يحبه وربما يكون سببًا لأن يحبك )
قال صلى الله عليه وسلم : ] من قال : إذا أوى إلى فراشه الحمد لله الذي كفاني وآواني والحمد لله الذي اطعمني وسقاني والحمد لله الذي منَّ عليَّ فأفضل .. فقد حمد الله بجميع محامد الخلق كلهم [ [ رواه البيهقي في الشعب وحسنه الألباني (609) في صحيح الترغيب ]
(7) اقرأ : آية الكرسي
واحتسب : أن يشملك الله بحفظ ورعاية ، وتُعاذ من همزات الشياطين .
كما في حديث أبي هريرة رضى الله عنه مع الشيطان [ رواه البخاري ]
ومن السنة :
أن تنام واضعًا يدك اليمنى تحت خدك الأيمن ثم تقول :
اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت
فائدة : الهدي في النوم( أي النوم على السُنَّة )
يقول ابن القيم : " وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه ، ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه ، وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه ، وكثر ضرره ، ولا سيما نوم العصر ، والنوم أول النهار إلا لسهران ،
ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس فإنه وقت غنيمة ، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة ، حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس ، فإنه أول النهار ومفتاحه ، ووقت نزول الأرزاق ، وحصول القسم ، وحلول البركة .
ثمَّ قال : وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه :
نوم نصف الليل الأول ، وسدسه الأخير ، وهو مقدار ثمان ساعات ، وهذا أعدل النوم عند الأطباء ، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه .
ومن النوم الذي لا ينفع أيضا : النوم أول الليل عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه ، فهو مكروه شرعا وطبعا .
وكما أنَّ كثرة النوم مورثة لهذه الآفات فمدافعته وهجره مورث لآفات أخرى عظام : من سوء المزاج ويبسه ، وانحراف النفس ، وجفاف الرطوبات المعينة على الفهم والعمل ويورث أمراضا متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه ولا بدنه معها ، وما قام الوجود إلا بالعدل ، فمن اعتصم به فقد أخذ بحظه من مجامع الخير وبالله المستعان "[ مدارج السالكين (1/458-459)]
عند الاستيقاظ
فإذا استيقظت قلت :
الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور .[ رواه الإمام أحمد وصححه الأرنؤوط ]
ثمَّ قل هذا الذكر واحتسب : أن يُغفر لك ويستجاب لدعائك وتقبل صلاتك إن شاء الله .
فقد قال صلى الله عليه وسلم : ] من تعار من الليل فقال :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله ، وسبحان الله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ثم قال : اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له ، فإن توضأ ثم صلى قبلت صلاته [ [ رواه البخاري ]
منقول ..