لقد أصبح العالم اليوم قرية صغيرة بسبب التقدم التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات. وأصبحت النظم السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية والتكنولوجية في دول العالم المختلفة، والمجتمعات ذات الثقافات والخصائص المختلفة متصلة ببعضها البعض، وتعتمد على بعضها البعض. ولم يعد الطالب مواطنا في مجتمعه المحلي فقط، بل أصبح ينتمي إلى عالم واسع. من هنا نادى الكثير من الباحثين والمتخصصين بضرورة إضافة مقررات في الدراسات الدولية أو العالمية في مناهج المدرسة الثانوية (زيفينzevin, 1993). حيث يرى زيفين أن معرفة الطلاب للثقافة الغربية لا تكفي لإعدادهم للمشاركة في عالم يعتمد على بعضه البعض. وأوصى جرينبيرجgreenberg (1989) بتدريس تاريخ العالم بدلا من تدريس تاريخ الحضارة الغربية. مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التعددية الثقافية والدينية والعرقية في الولايات المتحدة عند تصميم مقررات التاريخ. وعلى مستوى المرحلة الجامعية، أوصى فادني vadney (1990) بضرورة تطوير برامج في تاريخ العالم كتخصص مستقل في جامعة مانيتوبا في كندا. وأوصت بايك pike (1997) بتدريس موضوعات عالمية في مقررات التاريخ بسبب اعتماد العالم والشعوب التي تعيش فيه على بعضهم البعض. وأوصت باستخدام مدخل محوري يدور حول موضوع معين. إذ أن تدريس بعض الموضوعات الهامة في تاريخ العالم سينمي لدى الطلاب فهما أوسع للعمليات التاريخية المتعاقبة وعلاقتها ببعضها البعض، وبذلك يصبح الطلاب أكثر مشاركة واهتماما بتاريخ العالم.
ولإبراز أهمية دمج البعد العالمي في مقررات التاريخ، هناك دراسات أشارت نتائجها إلى تحسن معلومات الطلاب ومهاراتهم وتحصيلهم نتيجة إضافة بعد عالمي إلى مقررات التاريخ، وإلى تنمية اتجاهات إيجابية لديهم. فعلى سبيل المثال، قامت أموليرو-مارشال amuleru-marshall (1990) بإعادة بناء مناهج التاريخ في جميع المراحل الدراسية، وذلك بإضافة موضوعات تدور حول ثقافة وتاريخ إفريقيا والأمريكان من أصل إفريقي. وجرب البرنامج الجديد على عينة مختارة من سبعة فصول في سبع عشرة مدرسة في منطقة أطلنطا. وفي نهاية العام، كانت نتائج التدريب ايجابية، وكانت معلومات الطلاب في العينة التجريبية أعلى منها في المدارس التي لم تشترك في الدراسة. حيث أفاد الطلاب أن الموضوعات الجديدة كانت مهمة، وزادت من دافعيتهم، وكانت مصدر فخر لهم. وأفاد أغلبية المعلمين أن البرنامج مهم، وان استجابات الطلاب له كانت ايجابية.
ونظرا لأهمية تدريس تاريخ العالم ودمجه في مقررات التاريخ، قدم الكثير من الباحثين في كثير من الدول أدلة تبين للمعلمين والإداريين والآباء الموضوعات العالمية الأساسية التي يمكن اختيارها ودمجها في مقررات التاريخ، مع نماذج كثيرة يمكن الاختيار من بينها. كما وضعوا أسس اختيار الموضوعات العالمية، وأهداف تدريسها، والطرق والأنشطة والمصادر التعليمية التي يمكن استخدامها في تدريس تلك الموضوعات، وطرق تقويمها، وأمثلة للواجبات ونماذج لتحضير الدروس، وأسس التدريس الناجح، وطرق تصميم مقررات التاريخ العالمي، وطرق تحسين تدريس التاريخ العالمي، وأطر المنهج، والمنهج المتمركز حول التاريخ. من هذه الدراسات دراسة هيئة برادلي لتدريس التاريخ في المدارسbradley commission on history in schools (2002) ، ودانزر وأخرون danzer and others (1987) ، وأرياس وهيتشنز وروبhitchens, & roupp (1998) arias,. حيث أوصت بايك pike (1997) بضرورة اتباع المدخل المحوري في تدريس تاريخ العالم والذي يعتمد علي الموضوع كمحور، بدلا من تدريس التاريخ حسب الترتيب الزمني أو حسب المناطق. حيث يركز هذا المدخل على فهم تاريخ العالم، ويجعل للأحداث المعاصرة معنى لدى الطلاب. وحددت خمس محاور لتدريس تاريخ العالم هي: (1) الجانب الجغرافي للتاريخ (2) أنماط التنظيمات البشرية (3) الأنظمة العقائدية (4) الثورات (5) التكنولوجيا.
إن إضافة بعد عالمي إلى مقررات التاريخ سيساعد الطلاب في جميع المراحل على فهم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والايكولوجية التي شهدها العالم ويشهدها. كما أن دراسة البعدين القومي والعالمي في مقررات التاريخ ستساعد الطلاب على ربط تاريخ وطنهم بالسياق الدولي الكبير. وستعمل على توسيع فكرة الطلاب عن الماضي والحاضر، وسيجعل دراسة الشعوب والأماكن والأحداث البعيدة في الزمان والمكان أوسع واشمل، وسيكتسب الطلاب خبرات تاريخية عن شعوب العالم وعن جميع مكونات المجتمعات المختلفة في العالم، وسيفهمون الحضارات الأخرى والقوى المحركة للشئون الدولية، وستجعل دراسة التاريخ أكثر إثارة لعقلية الطلاب. كما أن تدريس بعض الموضوعات الهامة في تاريخ العالم سينمي لدى الطلاب فهما أكبر للعمليات التاريخية المتعاقبة وعلاقتها ببعضها البعض. وبذلك يصبح الطلاب أكثر مشاركة واهتماما بتاريخ العالم (بايك (pike 1997. كما أن زيادة وعي الطلاب بقدرتهم على تشكيل المستقبل، سيساعدهم على أن يصبحوا متعلمين متعاونين يعتمدون على أنفسهم، وسينمي لديهم القدرة على التفكير التاريخي الناقد، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات، وحل الصراعات. وسيتمكن الطلاب من إيجاد طرق بديلة لحل الصراعات والتعرف على العوائق التي تحول دون فهم الثقافات الأخرى وتعرف العلاقة بين التغيرات الاجتماعية والصراعات.
موضوع: البعد العالمي في مقررات التاريخ لمراحل التعليم العام بالمملك 
السبت سبتمبر 01, 2007 8:57 am
